ظلال شرطي إيراني وحبل مشنقة تظهر على الأرض قبل إعدام في طهران، إيران. © 2005 رويترز

(بيروت) -- قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية أعدمت بحسب تقارير 87 شخصا على الأقل في غضون شهر بعد الانتخابات الرئاسية أواخر يونيو/حزيران 2024. من بين الذين أُعدِموا رضا (غلام رضا) رسايي، وهو رجل كردي اعتقل خلال احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" التي عمّت أنحاء البلاد عام 2022 بعد وفاة مهسا جينا أميني (22 عاما) في الاحتجاز.

أفادت منظمة "إيران لحقوق الإنسان" غير الحكومية أنه بالإضافة إلى موجة الإعدامات التي أعقبت الانتخابات، أعدمت السلطات جماعيا 29 سجينا في سجنين صباح 7 أغسطس/آب. أعدِم 26 شخصا في سجن قزل حصار، و3 أشخاص في سجن كرج المركزي. من بين الذين أُعدموا 17 شخصا حُكم عليهم بتهمة "القتل العمد "، و7 أدينوا بتهم تتعلق بالمخدرات، ومواطنين أفغانيين حُكم عليهما بتهم "الاغتصاب". وثّقت هيومن رايتس ووتش على مدى سنوات عديدة انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة ومحاكمات غير عادلة في المحاكم الإيرانية.

قالت ناهيد نقشبندي، باحثة إيران بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "تنفّذ السلطات الإيرانية موجة إعدامات فظيعة بينما تروّج لانتخاباتها الرئاسية الأخيرة كدليل على التغيير الحقيقي. كي تكون شعارات الحملة حقيقية، يتعيّن على الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكيان، التدخل فورا لإلغاء أحكام الإعدام الحالية ووقف عقوبة الإعدام واتخاذ خطوات لإصلاح القضاء".

استخدمت الحكومة الإيرانية منذ فترة طويلة عقوبة الإعدام على نطاق واسع، بما فيه ردا على الاحتجاجات التي كان الأشخاص الذين حوكموا وأعدِموا يمارسون فيها حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع السلمي. تعارض هيومن رايتس ووتش استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف بسبب نظراً للقسوة المتأصلة فيها.  ذكرت "وكالة أنباء ناشطي حقوق الإنسان" (هرانا) أن السلطات أعدمت رسايي في 6 أغسطس/آب في سجن ديزيل آباد في كرمانشاه دون إشعار مسبق لعائلته أو لقاء أخير معهم. كان رسايي (34 عاما) فردا من أقلية يارسان الدينية من صحنه في مقاطعة كرمانشاه. اعتُقل رسائي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في شهريار بطهران، ونُقل إلى سجن ديزيل آباد بعد استجوابه.

حُكم عليه بالإعدام لدوره المزعوم في "القتل العمد" لنادر بيرامي، رئيس استخبارات "الحرس الثوري الإسلامي" في صحن. أكِّد الحكم في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد أن رفضت المحكمة العليا طلب رسايي بإعادة المحاكمة.

في 6 أغسطس/آب، نظم جناح النساء في سجن إيفين، الذي يشارك في حملة الاحتجاج "لا للإعدامات" لعدة أشهر، مزيدا من المظاهرات بعد إعدام رسائي، حسبما أفادت "بي بي سي" الفارسية. ردّ أفراد أمن السجن بالاعتداء على المتظاهرات، حيث أشارت التقارير إلى قيام أفراد الأمن بضرب وإصابة عديد من السجينات، وبعضهن يعانين من آثار على الصحة العقلية. قالت الجماعة إن من بين المصابين الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي، التي ضربها أفراد الأمن عدة مرات على صدرها. أصيبت محمدي بأزمة تنفسية وألم شديد في الصدر، مما أدى إلى انهيارها في باحة السجن.

أصدرت السلطات الإيرانية أحكاما بالإعدام على عديد من أفراد الأقليات العرقية والدينية في الأشهر الأخيرة. أفادت هرانا في 8 أغسطس/آب أن المحكمة العليا أيدت أحكام الإعدام الصادرة ضد ستة سجناء سياسيين في سجن وكيل آباد بمدينة مشهد. قالت هرانا إن محكمة مشهد الثورية أدانت في يوليو/تموز 2023 مالك علي فدائي نسب، وفرهاد شاكري، وعيسى عیدمحمدی، وعبد الحكيم عظيم كركيج، وعبد الرحمن كركيج، وتاج محمد خرمالي بتهمة "التمرد المسلح" بسبب عضويتهم المزعومة في الجماعة السلفية "حزب الفرقان" و "جبهة التضامن الوطني لأهل السنة الإيرانيين". في 4 يوليو/تموز، حكمت المحكمة الثورية الإيرانية على الناشطة العمالية شريفة محمدي بالإعدام بتهمة "التمرد المسلح ضد الدولة"، بناء على عضويتها المزعومة في جماعة معارضة. أفادت هرانا أنه في 23 يوليو/تموز، حكم الفرع 26 من المحكمة الثورية في طهران على بخشان عزيزي، وهي سجينة سياسية كردية، بالإعدام بتهمة العضوية في جماعات المعارضة.

ذكرت هرانا أن السلطات اعتقلت عزيزي، وهي في الأصل من مهاباد، في طهران في 4 أغسطس/آب 2023، واحتجزتها في الجناح 209 بسجن إيفين. كما حرمتها من الاتصال بمحام ومن الزيارات العائلية أربعة أشهر قبل نقلها إلى جناح النساء. اعتُقلت عزيزي من قبل عام 2009 لمدة أربعة أشهر قبل أن يُطلق سراحها بكفالة. أفاد "راديو زمانه" أن الناشطة السياسية الكردية الأخرى، وريشا مرادي، التي تواجه اتهامات بـ "التمرد المسلح ضد الدولة"، لم تحضر محاكمتها في 4 أغسطس/آب. قالت في رسالة من سجن إيفين إنها لن تشارك في إجراءات المحكمة تضامنا مع السجينين المحكوم عليهما بالإعدام محمدي وعزيزي. قالت مرادي: "لا أعترف بمحكمة لا تصدر أحكاما عادلة. اتُهمتُ بالتمرد المسلح لمجرد كوني امرأة وكردية وباحثة عن حياة حرة".

قالت "شبكة كردستان لحقوق الإنسان" إن عناصر المخابرات اعتقلوا مرادي، عضوة "جمعية المرأة الحرة شرق كردستان"، في 1 أغسطس/آب 2023، في كرمانشاه. قالت الشبكة إن مرادي تعرضت لضغوط وتهديدات للإدلاء باعترافات قسرية. في 26 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد خمسة أشهر من الحبس الانفرادي، نُقلت إلى جناح النساء في سجن إيفين. قالت الشبكة إنها لا تزال محرومة من حقها في إجراء مكالمات هاتفية والالتقاء بأسرتها.

أفادت منظمة إيران لحقوق الإنسان أن السلطات الإيرانية أعدمت 249 شخصا في الأشهر الستة الأولى من 2024، حُكم على 147 منهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات. أفادت "منظمة العفو الدولية" أن إيران كانت مسؤولة عن 74% من جميع الإعدامات المسجلة في أنحاء العالم عام 2023، بإجمالي 853 إعداما. استهدفت الإعدامات هذه بشكل غير متناسب الأقلية العرقية البلوشية في إيران، والتي تشكل نحو 5% فقط من السكان، لكنها تمثل 20% من الإعدامات المسجلة. بالإضافة إلى ذلك، من بين الذين أعدِموا ما لا يقل عن 24 امرأة و5 أشخاص كانوا أطفالا وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة.

قالت نقشبندي: "استخدام إيران لعقوبة الإعدام كأداة للترهيب بعد محاكمات جائرة، وخاصة ضد الذين يسعون إلى الإصلاح الحكومي، يكشف عن إساءة استخدام مروعة للسلطة. ينبغي للدول الأخرى، وخاصة التي تتعامل مع إيران، أن تدين هذه الممارسة غير الإنسانية وتدعو إلى وقف فوري للإعدامات".