هذا الأسبوع، ورد أن كيث رولي، رئيس وزراء ترينيداد وتوباغو، تعهد بأن عشرات الترينيداديين المحتجزين في ظروف مزرية شمال شرق سوريا والعراق انتظروا أربع سنوات حتى يسمعوا أن الحكومة ستعيدهم إلى وطنهم. يتخذ رئيس الوزراء الخيار الصحيح أخلاقيا وقانونيا واستراتيجيا.
طبعا، إعادة هؤلاء الترينيداديين المحتجزين قضية حساسة. فهم، في نهاية الأمر، مشتبه بانتمائهم إلى "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف بـ ’داعش‘)، وأفراد عائلاتهم. لكن كما وجد بحثنا، 56 على الأقل من هؤلاء المحتجزين الـ 90 أو أكثر هم أطفال لم يختاروا أبدا العيش في ظل داعش. تم التخلي عنهم في مخيمات ومراكز احتجاز مغلقة تعج بالمرض والموت، في ظروف قد تشكل تعذيبا، ويتعرضون للعقاب الجماعي بسبب قرارات أهاليهم.
وجدنا أيضا أن عديدا من الأطفال من الدول الأخرى الذين أعيدوا إلى وطنهم من المخيمات في شمال شرق سوريا في حالة جيدة بشكل ملحوظ. معظمهم يرتادون المدارس، ويكوّنون صداقات، ويشاركون في أنشطة الطفولة النموذجية. هناك كل الأسباب التي تجعلنا نفترض أن أطفال ترينيداد يمكنهم أن يفعلوا الشيء نفسه.
في شمال شرق سوريا، حيث يُحتجز جميع الترينيداديين تقريبا، لم يُتهم أي منهم بارتكاب أي جريمة، ولم يتمكنوا حتى من الوصول إلى السلطة القضائية للطعن في احتجازهم. هذا غير قانوني. في العراق، أدينت أربع نساء من ترينيداد، محتجزات في سجن مزري مع أطفالهن السبعة، بتهم تتعلق بالإرهاب، لكن أمام محاكم ذات سجل من الملاحقات القضائية المعيبة، واستخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب. هذا يثير مخاوف جدية بشأن ما إذا كانت محاكماتهم عادلة.
التزام رئيس الوزراء رولي بإعادتهم إلى الوطن الذي يستحق الثناء، على الأقل كما أفاد فريق جديد رفيع عينته الحكومة للتنسيق مع عائلات المحتجزين، يُفترض أنه يشمل الرجال المحتجزين. باستثناء الولايات المتحدة، معظم الدول الـ 39 التي أعادت بعضا أو كثيرا من مواطنيها من شمال شرق سوريا، أعادت الأطفال والنساء فقط. يُعتقد أن حوالي 13 رجلا من ترينيداد فقط محتجزون في شمال شرق سوريا. من بين هؤلاء، سافر سبعة فقط إلى المنطقة كبالغين، بينما أخِذ الباقون إلى هناك وهم أطفال من قبل أقاربهم، حسبما أخبرنا أفراد من عائلاتهم. هذا رقم يمكن التعامل معه.
بمجرد العودة إلى الوطن، يمكن محاكمة مواطني ترينيداد الذين سافروا إلى سوريا أو العراق كبالغين إذا لزم الأمر، ويمكن مراقبة أي شخص يُعتبر تهديدا خطيرا إذا كان ذلك مناسبا، بشرط أن تمتثل الإجراءات للمعايير القانونية الدولية.
تعيين رئيس الوزراء لفريق من ثلاثة أشخاص ليتولوا التواصل المباشر مع عائلات المعتقلين هو تطور إيجابي آخر. عبّر العديد من أفراد العائلات الذين التقينا بهم في بورت أوف سبين في فبراير/شباط عن إحباطهم من محاولتهم التواصل مع "لجنة العندليب"، وهي فرقة عمل من وكالات عديدة، اجتمعت عام 2018 لصياغة خطة عمليات إعادة المواطنين إلى الوطن.
ينبغي للحكومة التحرك بسرعة لتنفيذ وعدها. ستكون إحدى الخطوات الرئيسية الالتزام بجدول زمني سريع لعمليات الإعادة إلى الوطن. الخطوة الرئيسية الأخرى هي تواصل الحكومة مباشرة مع الناس بشأن هذه القضية المهمة، بدلا من ترك الأمر لفريق الاتصال لمشاركة التحديثات المهمة كما فعلت في 27 مارس/آذار. الخطوة الثالثة هي إنشاء خدمات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج لمواطني ترينيداد العائدين الذين عانوا من صدمة شديدة في ظل حكم داعش، أثناء احتجازهم منذ أوائل 2019 من قبل القوات المدعومة من الولايات المتحدة والمناهضة لداعش، أو كليهما.
أخبرنا أفراد عائلات المحتجزين أنهم على استعداد لتقديم المساعدة. قالت رحيمة خان، التي تُحتجز أختها وستة من أبناء وأبناء إخوتها في شمال شرق سوريا: "نحن على استعداد لمساعدة الحكومة بأي طريقة ممكنة لوضع حد لمعاناة أقاربنا".
سلطات الأمم المتحدة، والعديد من المسؤولين العسكريين وغيرهم من خبراء الأمن، يشاركونا تقييمنا بأن عمليات الإعادة إلى الوطن هي الحل الدائم الوحيد، ويحذرون من أنه كلما طال احتجاز هؤلاء المعتقلين في شمال شرق سوريا، زاد احتمال أن يحاول داعش تجنيد الأطفال وإخراج المعتقلين من المخيمات والسجون هناك.
على الحكومات واجب حماية مواطنيها في الخارج إذا تمكنت من اتخاذ خطوات معقولة لوضع حد لخطر الموت أو التعذيب أو الانتهاكات الصارخة للإجراءات القانونية الواجبة الذي يتعرضون له. لكن عمال الإغاثة والسلطات المحلية يخبروننا أن 42 ألف أجنبي على الأقل من 60 دولة ما زالوا محتجزين بشكل غير قانوني في شمال شرق سوريا، بمن فيهم الترينيداديون.
يذّكر رئيس الوزراء رولي العالم دائما بأن ترينيداد وتوباغو "دولة صغيرة لكنها ليست عديمة الأهمية". بإعادة جميع مواطنيها المحتجزين إلى وطنهم لإعادة تأهيلهم وإدماجهم ومحاكمة البالغين حسب الاقتضاء، وإعطاء الأولوية لعودة الفئات الأكثر ضعفا بمن فيهم الأطفال، يمكن لترينيداد وتوباغو أن تكون رائدة عالمية في حل أزمة الاحتجاز الجماعي هذه.
ليتا تايلر وجو بيكر أعدّتا تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في فبراير/شباط 2023 بعنوان "ترينيداد وتوباغو: إعادة المواطنين من شمال شرق سوريا إلى وطنهم". تايلر هي مديرة مشاركة للأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش، وبيكر هو مدير المناصرة لحقوق الأطفال في المنظمة. تويتر: @lettatayler @jobeckerhrw