(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية صعّدت مؤخرا الإعدامات بمعدل خطير، بما يشمل إعدام فرهاد سليمي ومحمد قبادلو في 23 يناير/كانون الثاني، بينما ينتظر 11 آخرون الإعدام الوشيك، وأغلبهم من الأقليات.
يواجه 11 سجينا على الأقل الإعدام بتهم سياسية أو أمنية يجب ألا تؤدي مطلقا بموجب القانون الدولي إلى عقوبة الإعدام، التي تشكل انتهاكا خطيرا للحق في الحياة. السجناء الذين ينتظرون الإعدام الوشيك غالبا ما أدينوا بتهم غامضة، منها "المحاربة" و"الإفساد في الأرض". ينبغي للدول الأخرى الضغط على إيران لحملها على إنهاء استخدام عقوبة الإعدام في مثل هذه التهم.
قال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "السلطات الإيرانية صيتها سيئ بسبب استخدام عقوبة الإعدام إثر محاكمات جائرة لزرع الخوف في نفوس المحتشدين في أنحاء البلاد للمطالبة بإصلاحات جوهرية. تستهدف الردود الوحشية للحكومة الإيرانية بشكل خاص الأقليات الإثنية، ومنهم 11 شخصا يواجهون الإعدام الوشيك".
وفقا لـ "نشطاء حقوق الإنسان في إيران" ("هرانا")، وهي منظمة غير سياسية وغير حكومية تدافع عن حقوق الإنسان، أُعدم 746 شخصا تقريبا في إيران في 2023. استمر هذا النمط في العام الجديد، إذ أفادت "الشبكة الكردية لحقوق الإنسان" و"منظمة العفو الدولية" أنه نُفِّذ 34 إعداما على الأقل حتى الآن منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023. ترتبط معظم أحكام الإعدام هذه بتهم جرائم المخدرات أو القتل العمد.
ثمانية من المحكوم عليهم بالإعدام أكراد. يقبع أنور خزري، وكامران شيخه، وخسرو بشارات في سجن قزل حصار في كرج ويواجهون الإعدام، وقد أعلنوا إضرابهم عن الطعام في 2 يناير/كانون الثاني احتجاجا على إعدام داود عبد الله والتهديد الوشيك بإصدار أحكام بالإعدام ضدهم بعد إعدام المعتقلين معهم في الشهرين والنصف الماضيين، مثل سليمي، وقاسم أبسته، وأيوب كريمي، وداوود عبدالهي.
وفقا لـ"شبكة كردستان لحقوق الإنسان"، اعتقلت قوات الأمن هؤلاء المواطنين السبعة في مدينتي سقز ومهاباد بين ديسمبر/كانون الأول 2009 وفبراير/شباط 2010، ونقلتهم إلى مركز احتجاز استخبارات أرومية.
أفادت الشبكة الكردية بتعرّض المعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي لعدة أشهر لانتزاع اعترافات قسرية. مرت القضية بمحاكم مختلفة إلى أن حكم الفرع 41 من المحكمة العليا عليهم بالإعدام جميعا في فبراير/شباط 2020.
أفادت منظمة العفو الدولية أن السلطات أخفت قسرا أربعة معارضين أكراد إيرانيين بعد اعتقالهم في يوليو/تموز 2022، هم بجمان فاتحي، ووفا آذربار، ومحمد (هجير) فرامرزي، ومحسن مظلوم، الذين يواجهون تهديدا خطيرا بالإعدام السري بدون إخطار مسبق لعائلاتهم أو وكلائهم القانونيين. أبرمت المحكمة العليا في 2 يناير/كانون الثاني 2024 أحكام الإعدام الصادرة بحق هؤلاء الرجال بعد محاكمة سرية جائرة، وهي الآن جاهزة للتنفيذ.
في 16 يناير/كانون الثاني، أعلن مسعود شمس نجاد، المحامي الذي يمثل هؤلاء السجناء، على حسابه الشخصي على "إكس" ("تويتر" سابقا) رفض المحكمة العليا طلبه إعادة محاكمة موكليه. أضاف أن "الطلب لم يُقبل لعدم إدراجه المستندات القضائية الأولية والنهائية. بشكل عام، في القضايا الأمنية، لا يُزوَّد المحامون بوثائق المحاكمة".
في 14 يناير/كانون الثاني، تجمّع أهالي هؤلاء المعتقلين أمام سجن إيفين مطالبين بإلغاء أحكام الإعدام، وإتاحة الفرصة لهم للقاء أبنائهم، وإجراء محاكمة علنية بحضور المحامين والإعلام.
اعتُقل رضا رسايي، وهو كردي ومن أتباع الديانة اليرسانية، في شهريار في طهران خلال الاحتجاجات التي عمت البلاد عام 2022، ونُقل لاحقا إلى سجن ديزل آباد في كرمانشاه. في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حكم الفرع الثاني من المحكمة الجنائية في كرمانشاه على رسايي بالإعدام بتهمة قتل نادر بيرامي، رئيس جهاز المخابرات التابع لـ "الحرس الثوري" في مدينة صحنه.
بحسب هرانا، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، خلال حفل إحياء الذكرى الـ 21 لوفاة الزعيم السابق لطائفة اليرسان سيد خليل عالي نجاد، تحولت المناسبة إلى احتجاج عام وتدخلت قوات الأمن، ما تسبب في سقوط ضحايا. أكد الحرس الثوري في كرمانشاه لاحقا وفاة نادر بيرامي خلال التجمع.
اثنان ممن ينتظرون الإعدام هم من البلوش. قالت "حال واش"، وهي مجموعة تركز على حقوق الإنسان في منطقة بلوشستان، إنه في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حُكم على فرشيد حسن زهي، وهو بلوشي اعتُقل خلال الاحتجاجات في زاهدان في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بالإعدام بعد جلسة محكمة عبر الإنترنت كانت مبهمة، وتفتقر إلى الشفافية، وعقدت بدون حضور محام.
زهي حاليا في العنبر 9 في سجن زاهدان. أُدين بإطلاق النار على سيارة قرب مركز الشرطة في قرية تششمه زيارت في زاهدان، ما أدى إلى مقتل الجندي بهزاد براهويي وإصابة الملازم أول مهدي هاشمزيهي من قوات الأمن. أضافت حال وش أن زهي أُجبر على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب.
اعتُقل منصور دهمرده، وهو شخص لديه إعاقات الجسدية، في زاهدان في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022. في 3 يناير/كانون الثاني 2023، حكم الفرع الثاني لمحكمة الجنايات في "مجمع الشهيد نوري" القضائي في زاهدان عليه بالإعدام بتهمة الإفساد في الأرض. أفادت حال وش أنه تعرض خلال احتجازه لمدة 10 أيام لتعذيب شديد في "مركز احتجاز المعلومات"، ما أدى إلى كسر أنفه وأسنانه.
في مارس/آذار 2023، حكمت المحكمة الثورية في الأهواز على عباس (مجاهد) كوركوري، من إيزيه، بالإعدام بتهمة "المحاربة" و"الإفساد في الأرض". زعم "المركز الإعلامي" التابع للسلطة القضائية أن كوركوري ضالع في مقتل كيان بيرفلك، وهو طفل توفي خلال الاحتجاجات التي عمت البلاد، لكن نفت عائلة بيرفلك، بما في ذلك والدته، تورط كوركوري، وقالت بدل ذلك إن قوات الأمن هي من قتل ابنها.
زادت السلطات الإيرانية بشدة معدلات الإعدام في 2023. خلال احتجاجات 2022، صعّدت السلطات القضائية بشكل كبير استخدام تهم الأمن القومي المبهمة، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإعدام، ضد المتظاهرين، في قضايا شملت مزاعم إصابة آخرين وتدمير الممتلكات العامة.
كشف تقرير نُشر في أبريل/نيسان 2023 من منظمة "إيران لحقوق الإنسان"، وهي مجموعة حقوقية مقرها النرويج، أن الأقليات الإثنية في إيران مستهدفة بشكل غير متناسب بالإعدامات. يشير التقرير إلى أنه في العام 2022 وحده، أُعدم 130 شخصا في محافظات غرب أذربيجان، وشرق أذربيجان، وسيستان وبلوشستان، وكردستان - وهي زيادة كبيرة من 62 في العام 2021 و60 في العام 2020. يُبرز ذلك الاستهداف المكثف للأقليات بعقوبة الإعدام.
قال بيج: "تكشف الهجمات الأخيرة التي شنتها إيران في البلدان المجاورة وقتلت مدنيين وتصعيد الإعدامات محليا إلى أي مدى ليس لدى السلطات الإيرانية ما تقدمه في سبيل التغيير الإيجابي داخليا وخارجيا".
